|
|
مقدمة: إن جودة التعليم والتدريب تعدُ مطلباً أساسياً، لتحقيق الغايات والأهداف والطموحات التي تسعى إليها المؤسسات التعليمية وصولاً للإتقان والنوعية والتميُّز، وتعتبر الجودة في التعليم والتدريب من أهم الأدوات التي تسهم في تطوير الأداء، ورفع مستوى الإتقان والتميز، وضمان تحقيق الأهداف على المستوى العام والخاص للمؤسسات التعليمية والفرد . كما أن جودة التعليم والتدريب في المؤسسات التعليمية بشكل عام، ومؤسسات التعليم العالي بشكل خاص تحتاج إلى عملية تقييم مستمر من خلال ما يدلل على مخرجاتها وكفاءتها، ونجاح مناهجها وتطبيقاتها العملية. فكان لزاماً الاهتمام بمؤشرات الأداء الداخلية والخارجية في هذه المؤسسات من داخل العملية التعليمية، ومن واقع إدارة الموارد البشرية وتدريبها. إضافة إلى أن ثقافة الجودة في برامج التعليم والتدريب، وتمكين الشباب العُماني من المشاركة في برامج التنمية الشاملة في السلطنة، تحتاج إلى قيادة قوية هادفة على جميع المستويات القيادية التي تعنى بكافة المتطلبات التي تضمن تحقيق أهدافها، كما أنها هي مسوؤلية جميع القيادات لضمان بلوغ الأهداف المنشودة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في السلطنة. ونتيجة لتزايد الاهتمام العالمي بجودة التعليم والتدريب لتحقيق الأهداف والطموحات في العقد المنصرم، واستمرارية البحث عن دور المؤسسات التعليمة العامة والأكاديمية في إطار رفع الإنتاجية المتزايدة، والكفاءة النوعية المطلوبة وصولاً لثقافة الإتقان والنوعية والتميز في هذا القرن، كان لابد أن يعي المختصون ببرامج التعليم والتدريب الأخذ بمبدأ جودة التعليم والتدريب في المؤسسات التعليمية في ضوء مؤشرات الجودة ومعايير الاعتماد في هذه المؤسسات لتمكين الشباب للمشاركة في التنمية المستدامة. وتهدف هذه الورقة: إلى الوقوف على أهمية جودة التعليم والتدريب في تمكين الشباب من المشاركة الفعلية في التنمية المستدامة، وبيان أثر كفاءة المخرجات التعليمية لبرامج التعليم والتدريب في هذه المؤسسات ودورها الفاعل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ولتحقيق أهداف هذه الورقة فإن الباحث يطرح التساؤل الآتي: ما أهمية جودة التعليم والتدريب في تمكين الشباب من المشاركة الفاعلة في التنمية المستدامة في سلطنة عُمان؟ وسيتم الإجابة على هذا التساؤل من خلال المحاور الآتية: المحور الأول: مفهوم جودة التعليم والتدريب في المؤسسات التعليمية. المحور الثاني: أثر تطبيق جودة التعليم والتدريب في المؤسسات التعليمية. المحور الثالث: التنمية المستدامة ومتطلباتها الضرورية. المحور الرابع: مواءمة مخرجات المؤسسات التعليمية ومتطلبات التنمية المستدامة. المحور الخامس: تمكين الشباب من المشاركة في التنمية المستدامة من خلال "الكفاءة الإنتاجية لبرامج التعليم والتدريب". المحورالأول: مفهوم جودة التعليم والتدريب في المؤسسات التعليمية تعتبر جودة المنتجات أو الخدمات احد العوامل الأساسية التي تساهم بنجاح أو فشل الشركات ولذلك فهي تسعى إلى تقديم منتجات وخدمات ذات جودة عالية تتمكن من خلالها تحقيق ميزة تنافسية تحقق الرضا لدى المستهلك، ولغرض توضيح ماهية الجودة فقد اقترحت مفاهيم عديدة للجودة منها الملائمة للاستخدام ودرجة إشباع المنتج أو الخدمة لاحتياجات المستهلك، ودرجة مطابقة المنتج لمواصفات التصميم الفنية والهندسية، وعليه فانه يمكن تقسيم الجودة إلى: 1- جودة التصميم: وهي كيفية مقابلة مواصفات المنتج أو الخدمة لاحتياجات ورغبات المستهلك وهي الجودة من وجهة نظر المستهلك. 2- جودة المطابقة: وتتضمن تصنيع المنتج وفقا لمواصفات التصميم الفنية والهندسية وهي الجودة من وجهة نظر المؤسسة (الشركة). وبالتالي فانه يمكن القول بان الجودة الرديئة يمكن إن تحدث لسببين الأول: هو عدم حدوث تطابق بين توقعات المستهلكين ومواصفات التصميم وهو ما يعرف بانحراف جودة التصميم ، والثاني: عدم حدوث تطابق بين مواصفات التصميم والنتائج الفعلية وهو ما يعرف بانحراف جودة التماثل. المفهوم اللغوي للجودة هي” جَادَ الشيء جُوْدَةً وجَوْدَةً: جعل الشيء جَيداً، وأجوده وجاد، وأجاد: أتى بالجيد من القول والعمل، فهو مجواد: أي حسنه وأتقنه. تعريفات الجودة: لقد تعددت تعريفات الجودة في الفترة الأخيرة، وهذا أمر طبيعي لتعدد الحاجات، ورضا المستفيد (العميل)، وتعدد المؤسسات المعنية بالجودة. لذا سنستعرض بعض التعريفات وصولاً إلى تعريفات الجودة في عمليتي التعليم والتدريب وعلاقته بتمكين الشباب من المشاركة الفاعلة في التنمية المستدامة. *تحقيق احتياجات وتوقعات المستفيد حاضرا ومستقبلا“. ديمنج (Deming) *”ملاءمة المنتج للغرض أو الاستخدام. جوران (Juran) *الإيفاء والالتزام بالمتطلبات. كروسبي (Crosby) *”مجموعة من السلع والخدمات القادرة على تلبية احتياجات محددة“ (الجمعية الأمريكية للجودة) المفهوم من المنظور التربوي: من وجهة نظر التربويين فالجودة يعرفها شارلز هوي وآخرونHoy et al. 2000):) تحديدهم للجودة في التربية بالآتي: "إن الجودة في التربية تكون عملية تقويم لعملية التعليم, التي تعزز الحاجة إلى إتمام وتطوير قدرات أولئك المستفيدين(الطلبة) من تلك العملية، وفي الوقت نفسه تحقيق مهام المعايير التي وضعت بواسطة المتكفلين بعملية التعليم، الذين دفعوا لتلك العملية أو مخرجاتها". ”ترجمة احتياجات وتوقعات طلاب الخدمة أو المستفيدين بشأن الخدمة إلى خصائص محددة تكون أساساً لتصميم الخدمة التربوية وتقديمها لطلابها بما يوافق توقعاتهم“. (هي جعل التعليم متعة وبهجة“.(المديرس" (مفهوم الجودة التعليمية: كما ورد في (الذيابي، بدون تاريخ أ- من هو العميل المستهدف في العملية التعليمية؟ بالنظر إلى الأدبيات التي تحدثت عن مفهوم الجودة في التعليم نلاحظ أنها لم تخرجها عن نطاق الجودة الصناعية أو التجارية إن جاز التعبير وكلها تجمع على الوصول بالمنتَج إلى الإتقان والتميز دون الاتفاق على من هو العميل،حيث يعتبر ضمان استمرار تقديم مستوى متميز من الخدمة أو المنتج لكسب رضا العملاء من أهم أهداف نظام الجودة بشكل عام يورد (بسترفيلد)"أن المفتاح الرئيس لبرنامج إدارة جودة فعال هو تركيزه على المستهلك"،وإذا ما أردنا تطبيق هذا الهدف على العملية التعليمية لابد من تحديد من هو العميل وماهو المنتج، فهناك من ينظر إلى الطالب على انه منتَج والقطاع الوظيفي هو العميل الذي نسعى لكسب رضاه ،وهناك من له وجهة نظر مخالفة مفادها أن الطالب هو من ينبغي أن يكون العميل وما يقدم له في العملية التعليمية بصفة عامة هو المنتَج. بالنظر إلى الشكل أعلاه يتضح الفرق أو الثمرة النهائية واقصد أن دور المؤسسة التعليمية هو تقديم المعلومة والمعرفة لأجل المعرفة داخل بيئة محاطة بعناصر وعوامل مساعدة على ذلك،ليس دور المؤسسة التعليمية البحث عن الفرص الوظيفية للخريج أو مايسمى الشهادة، يذكر(جبلز)" أن احد الأسباب التي تحد من القدرة على التعليم في مدارس، ما اسماه ( رونالد ) دور مرض الدبلوما إذ لاتهتم النظم التعليمية بتوصيل المعرفة والمهارات للطلاب لكنها تهتم بشكل أساسي بالشهادة أو المؤهل"؛ فالقطاع الوظيفي لاتهمه الشهادة بقدر ماتهمه المهارات والمعارف التي اكتسبها الطالب، والواقع يشهد بذلك وهو مايجب أن تتنبه له المؤسسات التعليمية؛ ثم إن اعتبار الطالب منتجَاً يولد عدداً من التأثيرات من أهمها:
يذكر الزواوي (2003) "أن الغاية العظمى للتربية هي أن ينعم الإنسان باستقلالية ليصبح قادراً على أن يوجد عمله بنفسه، وأن يشغل أوقات فراغه بما يثري حياته ويعود بالخير على أسرته ومجتمعه وعالمه". لذا يجب أن ندرك أن الجودة مسؤولية الجميع وبتظافر الجهود تتحقق الطموح والأمال. المحور الثاني: أثر تطبيق جودة التعليم والتدريب في المؤسسات التعليمية عند اتخاذ قرار بتطبيق الجودة يجب أن نتساءل عن أسباب اتخاذنا لهذا القرار،فوجود الهدف من تطبيق الجودة أمر أساسي ومهم، وإلا كان قراراً اعتباطياً وارتجالياً وتقليداً عصري لامعنى له. وتذهب النشوان (1427ه) إلى أن تطبيق الجودة في التعليم، يتمثل في مجموعة من لإيجابيات منها: - ارتباط الجودة بالإنتاجية. - ارتباط الجودة بالشمولية. - عالمية النظام. - نجاح تطبيق الجودة في العديد من المؤسسات التعليمية عالمياً. بينما يرى البرقاوي (1427) في سلبيات الواقع التربوي التعليمي مبرراً لتطبيق الجودة ومن تلك السلبيات: - زيادة الوقت في القيام بالأعمال - زيادة مرات التنسيق. - الزيادة المفرطة في عدد الاجتماعات. - زيادة شكاوى المستفيدين من الخدمة. ومن الواضح أن لدينا وجهتي نظر احدهما متفائلة وكأنها تنظر إلى زيادة الإيجابيات من واقع إيجابيات الجودة والأخرى العكس، فهل نريد تطبيق نظام الجودة لمميزاتها أم لمعالجة السلبيات والقضاء على المعوقات التي تواجه النظام التعليمي. المتأمل لأهداف وسياسة الجودة يجد أن تطبيقها في المجال التعليمي ليس لمواجهة المشكلات او تفادي السلبيات وإنما لتحقيق العديد من الفوائد منها: - ضبط وتطوير النظام. - زيادة الكفاءة التعليمية ورفع مستوى الأداء للعاملين والموارد. - الوفاء بمتطلبات الدارسين والمجتمع. - التمكن من تحليل المشكلات بالطرق العلمية التصحيحية والتعامل معها من خلال الإجراءات التصحيحية والوقائية لمنع حدوثها مستقبلاً. وعليه فإن مفهوم الجودة التعليمية لايهدف إلى الضبط الإداري أو التنظيم الورقي، وإنما يعتمد على عناصر العملية التربوية برمتها ومدلولاتها العميقة والمفاهيم الصحيحة لمكوناته. مؤشرات الجودة في التعليم يقصد بمؤشرات الجودة "الوصف المساعد على تقييم خصائص الجودة والإنجاز"، ووفقاً لهذا التعريف فقد تكون المؤشرات رقمية من وجهة نظر العميل المستخدم؛ وتعنى المؤشرات بإعطاء معلومات إجمالية عن النظام والمؤسسة، حيث توفر المؤشرات الجيدة معلومات مفيدة وواسعة وبكميات كبيرة. -تصنيف المؤشرات:ليس هناك تصنيف دولي أومعتمد لمؤشرات الجودة ،لكن يمكن الاسترشاد بعد من العناصر والخصائص التي تساعد في تقييم مستوى الجودة وتطبيقاتها التعليمية،غير أن هناك بعض التجارب يمكن الاستفادة منها. أورد نصرا لله (1427ه) نموذجين هما: الأول: يتحدث عن التصنيف بحسب الرسالة والغرض ويشتمل على: - مؤشرات وصفية - مؤشرات أداء وسياسات وتتضمن:مؤشرات خاصة بالتأخير،مؤشرات خاصة بالكفاءة والفعالية،مؤشرات توضح درجة إنجاز الأهداف والخطط. - مؤشرات جودة/نوعية:وتكون على صورة أرقام توضح مدى التقدم في تنفيذ سياسات الجودة. النموذج الثاني: عبارة عن معايير التدريب لمؤسسة التدريب الأوربية وبحسبها تنقسم المؤشرات إلى أربعة مجموعات: 1- المشاركة وفرص الالتحاق بالتعليم والتدريب. 2- نتاجات التعليم: والتي تحتوي على العناصر التالية: -التسرب من البرامج التعليمية والتدريبية. - نسبة المخرجات التعليمية إلى المدخلات. - الالتحاق بالوظيفة. 3- الإنفاق على برامج التعليم والتدريب: ويقيس هذا المؤشر الإنفاق الحكومي الكلي لبرامج التعليم والمخصصات الحكومية للتعليم وفق المستويات الإدارية. 4- توجيهات الاستخدام: ويعنى هذا المؤشر بقياس معدلات البطالة وتوجهات التشغيل. فكل نظام تعليمي بحاجة إلى بناء مؤشراته وفق الظروف البيئية والمشكلات التي يعاني منها وله أن يستفيد من تجارب الأنظمة الأخرى وإسقاطه على نظامه بما يحقق له الأهداف المخطط لها. المحور الثالث: التنمية المستدامة ومتطلباتها الضرورية بداية لا بد لنا أن نعرف معنى التنمية بمفهومها الشامل، والفرق بينها وبين النمو والتطوير، وأثر هذه التنمية على الإنسان العماني. فمفهوم النمو(Growth) يعني الزيادة الثابتة أو المستمرة التي تحدث في جانب معين من جوانب النمو كالزيادة في النسبة المئوية للمتعلمين والمتعلمات إلى مجموع السكان. أما مصطلح التطوير فإنه محدود وغالبا ما يستخدم في العمل المؤسسي أو على نطاق مؤسسة الواحدة. والتنمية بمفاهيمها العامة المختلفة هي عبارة عن تغييرات شاملة ومتواصلة من حسن إلى أحسن للقوى البشرية والمادية على مختلف المستويات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، تسير في اتجاه محدد لتحقيق غايات لأهداف مرسومة سابقا، وبهذا تكون التنمية عملية تغيير اجتماعي مقصود، تؤدي إلى ظهور تغييرات حتمية في الكثير من النظم السائدة في المجتمع ومنها النظم الاجتماعية والاقتصادية والسلوك الإنساني (العنسي، 1994). وقد خرجت دراسات الأمم المتحدة للسنوات 1950- 1956م عن أوضاع التنمية بالتعريف القائل إن:- "عمليات التنمية هي تلك التي يمكن عن طريقها توجيه جهود المواطنين والحكومة؛ لتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات المحلية ومساعدتها على المساهمة في تقدم المجتمع بأقصى طاقة ممكنة". أما الغتم (2001) فيعرف التنمية "بأنها التطوير على المستوى الوطني أو الإقليمي أو القومي وبأبعاد شاملة كاملة تبدأ بالاقتصاد وتنتهي بالبيئة الطبيعية". وهنا لا تتفق عيسان مع الغتم؛ حيث إن التنمية لا تبدأ بالاقتصاد بل بالتربية والتدريب لأن تطور الاقتصاد لا يمكن أن يتحقق إلا إذا وجدت الكوادر المؤهلة القادرة على إدارة مؤسساته وتطويرها فنيا وتقنيا وعلميا. (عيسان، 2002). وتحدد الأهداف العامة للتنمية في العنسي (1994) في الآتي: 1- رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي لدى المواطنين وتحسين أحوالهم المعيشية. 2- إشباع الحاجات الأساسية لأفراد المجتمع. 3- تحقيق التجانس بين طبقات المجتمع وذلك بتذويب الفوارق الطبقية وتهيئة الفرص المتكافئة للجميع حسب قدراتهم العقلية والبدنية. 4- تأكيد المشاركة الشعبية في جهود التنمية من بدايتها لنهايتها لان دور الإنسان كمواطن في مجتمعه يتحقق ويبرز أكثر فأكثر بإسهامه المباشر حسب طاقته في كل مرحلة من مراحل البناء التنموي المستهدف تحقيقه في بلده. ويعتبر التعليم هو الركيزة الأساسية للتنمية الشاملة بصفة عامة، والتنمية البشرية بصفة خاصة. ولا تقتصر أهمية التعليم من منظور التنمية البشرية المستدامة على كونه يؤدي إلى تحسين نوعية عنصر العمل وزيادة إنتاجيته، فالتعليم حق من حقوق الإنسان الأساسية وهو غاية في ذاته وإشباع يحتاج إليه البشر لتمكينهم من ممارسة حياتهم وأدوارهم الإنسانية المختلفة على نحو أفضل، والتعليم كذلك من العوامل المهمة لإزالة الفقر ومكافحته عن طريق منح الناس مهارات تزيد من قدرتهم على الكسب والحصول على فرص عمل أفضل. ويزود التعليم الإنسان بالقدرة على التواصل والانتماء الفعال للمجتمع ومقاومة التهميش والعزل، ويوفر له الثقافة الحقوقية التي تمكنه من المطالبةبحقوقه كاملة، كما أن الاستثمار في التعليم يمثل أحد مظاهر تكوين وتراكم رأس المال البشري الذي يعتبر من ركائز الاستدامة فيالتنمية البشرية (وزارة الاقتصاد الوطني سلطنة عُمان، 2003). ومن أولويات التربية المستدامة في جميع مراحل التعليم: التربية للمواطنة، التربية البيئية والصحية والسكانية، التربية التقنية، التربية الإبداعية، التربية التعاونية، التربية والاقتصاد الرقمي. انطلقت مسيرة التنمية في السلطنة مع بدء خطة التنمية الخمسية الأولى (1976-1980) من أجل تحقيق التقدم والرخاء في الداخل، ودعم السلام والاستقرار والطمأنينة في ربوع المنطقة المحيطة بها.ومع نهاية الخطة الخمسية الرابعة في عام 1995م كان قد تم إرساء أسس الدولة العصرية ودعائم الاقتصاد الوطني واستكمالها، حيث تم استكمال البني التحتية في مختلف المجالات، وفي كل ولايات ومناطق السلطنة تقريبا، كما أن جيلا من الخريجين والكوادر الوطنية بدأت تنساب سنة بعد أخرى لتأخذ مكانها في المشاركة في عملية البناء الوطني.وفي الوقت ذاته تم التأكيد على ضرورة وأهمية تطوير العملية التعليمية لتلبي احتياجات الاقتصاد الوطني من القوي البشرية المؤهلة، وعدم فرض أية رسوم على التعليم العام في السلطنة، وبأن تتحمل الحكومة أية التزامات تنشأ من تطبيق الاستراتيجيات الخاصة بتطوير قطاع التعليم والرقي به، كما أكدت السياسة العامة على فتح المجال لإقامة الجامعات الأهلية خاصة في مجالات التقنية والعلمية لاستقطاب مخرجات التعليم المتزايدة.وفي عام 1996م صدر النظام الأساسي للدولة الذي شكل الأساس القوي والمتين الذي تنطلق به عمان الألفية الثالثة لتحقيق المزيد من التقدم والمشاركة في عملية التنمية وتوجيهها على مختلف المستويات، ويمثل النظام الأساسي الإطار القانوني الذي يتحرك المجتمع في نطاقه، وتستمد منه أجهزة الدولة المختلفة أسس عملها ودورها ونطاقه وتحتكم إليه كذلك. وقد وضعت سلطنة عمان خلال الفترة من عام 2006م إلى عام 2010م. واستهدفت جميع تلك الخطط النهوض بالاقتصاد الوطني ورفع طاقات الإنسان العماني وقدراته، وتحقيق طموحاته ورغباته بالإضافة إلى الارتقاء بأوضاعه المعيشية إلى مستوى يضاهي الدول المتقدمة، كما ارتكزت على إعداد الخطط والبرامج التنموية، وعلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وتحسين مستوى دخل الفرد. وهناك تكامل بين الخطتين (السادسة والسابعة) فيما يتعلق بالتعليم والتدريب. فمن أهم أهداف الخطة الخماسية السادسة (2001 – 2005) ما يلي: · إعطاء الأسبقية الأولى في الخطة لزيادة نسبة استيعاب مخرجات الشهادة العامة في مؤسسات التعليم العالي. · تطوير التعليم الأساسي ونشره. ومن أهم السياسات التي اتخذتها السلطنة فيما يتعلق بالتعليم والتدريب ما يلي : 1) التعليم ما قبل الجامعي q التزام الحكومة بمجانية التعليم بشقيه العام والعالي. q تطبيق نظام التعليم الأساسي الذي يمتد إلى الصف العاشر. q تطوير النظام التعليمي للصفين الحادي والثاني عشر، وذلك بتطبيق نظام التخصص واختيار المواد الدراسية تمهيدا للدراسة الجامعية. q تطوير نظام التقويم المدرسي للصفين الحادي والثاني عشر. 2) التعليم الجامعي q زيادة الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي الحكومية الحالية المتمثلة في جامعة السلطان قابوس، وكلية الشريعة والقانون (كلية الحقوق حالياً)، والكليات التقنية، ومعهد الدراسات المصرفية والمالية (كلية الدراسات المصرفية والمالية)، والمعاهد الصحية التابعة لوزارة الصحة، وكليات التربية، وتحسين كفاءتها. q تشجيع القطاع الخاص لتوفير خدمات التعليم العالي من خلال المنح الرأسمالية وغيرها، وإلى توفير المنح الدراسية للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي الخاص المحلية والأجنبية. q افتتاح ثلاث جامعات خاصة بالسلطنة هي جامعة صحار وجامعة نزوى وجامعة ظفار، إضافة إلى عدد من الكليات الخاصة تغطي مختلف الاختصاصات العلمية والإنسانية. 3) التدريب من أجل العمل q إنشاء الأكاديمية العمانية للسياحة والضيافة. q دورات تدريبية داخل السلطنة وخارجها. q استحداث السلطنة برنامج تدريب الشباب على الرخصة الدولية لقيادة الكومبيوتر. q إنشاء معهدين فنيين للتدريب على تكنولوجيا المعلومات. q قيام بنك التنمية العماني بتقديم قروض للمهنيين والحرفيين والفنيين. q برنامج ”انطلاقة“ الذي يدعمه القطاع الخاص، ويهدف إلى تشجيع التوظيف الذاتي وتملك الأعمال التجارية الحرة للشباب العماني. وقد أظهر التقرير العالمي للتنمية البشرية للعام 2006 الصادر في جنوب أفريقيا بتاريخ 9 نوفمبر بأن السلطنة حققت تقدماًفي مجالات التنمية البشرية، وصنفها لتكون ضمن مجموعة الدول ذات التنمية البشرية العالية بعد أن كانت ضمن مجموعة الدول ذات التنمية المتوسطة. وأوضح التقرير الذي حمل عنوان (ما هو أبعد من الندرة القوة والفقر وأزمة المياه العالمية) بأن السلطنة حققت تقدماً مهماً فيما يتعلق بترتيبها العالمي، حيث احتلت المرتبة 56 عالمياً متقدمة عن تقرير عام 2005م بـ (15) مرتبة، كما احتلت المرتبة الخامسة عربيا وخليجيا وارتفعت قيمة الدليل العماني إلى (0.810) مقارنة بـ (0.781) كما ورد في تقرير العام الماضي علما بأن البيانات التياستخدمها التقرير تعود إلى العام 2004. التنمية المستدامة، والتعليم من أجل التنمية المستدامة، وعقد الأمم المتحدة للتعليم من أجل التنمية المستدامة. ولهذه المصطلحات الثلاثة هدف واحد - إيجاد عالم أفضل للجيل الحالي وللأجيال القادمة لكل الكائنات الحية على كوكب الأرض. وتسعى التنمية المستدامة إلى تلبية احتياجات الحاضر دون إهمال احتياجات الأجيال القادمة. والتنمية المستدامة رؤية للتنمية تنطوي على احترام كل أشكال الحياة - البشرية وغير البشرية - والموارد الطبيعية، فضلاً عن مراعاة شواغل أخرى مثل الحد من الفقر والمساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان والتعليم للجميع والصحة والأمن البشري والحوار الفكري. يرمي التعليم من أجل التنمية المستدامة إلى مساعدة الناس على أن تكون لديهم المواقف والمهارات والمناظير والمعارف اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة والتصرف على أساسها لتحقيق ما يعود عليهم أنفسهم وغيرهم بالفائدة الآن وفي المستقبل. والتعليم من أجل التنمية المستدامة يساعد مواطني العالم على التعلّم من أجل الوصول إلى مستقبل مستدام. المحور الرابع :مواءمة مخرجات المؤسسات التعليمية ومتطلبات التنمية المستدامة يتم تقويم الأداء الجامعي من خلال قياس الكفاءة والفاعلية في مؤسسات التعليم الجامعي، إذ تتعلق الكفاءة في الجامعات والكليات بالعمليات وقدرتها على ضبطها وتطويرها، أما الفاعلية فتتعلق بنوع المخرجات التي تؤثر على العالم الخارجي. وينظر إلى الفاعلية بأنها مدى إدراك المؤسسات التعليمية لطبيعة العمليات والأنشطة الداخلية التي تحدد أداءها وعلاقتها مع بيئتها المحيطة، وكذلك قدرتها على السيطرة على العمليات وتوجيهها حسب المتغيرات الداخلية والخارجية لتحقيق أهدافها. وهناك جانبان لكفاءة مؤسسات التعليم العالي عامة: *جانب الكفاءة الداخلية: وتتمثل في قدرتها على إعداد أكبر عدد من المخرجات نسبة إلى المدخلات مع ملاءمة نوعية المخرجات للمواصفات الموضوعة، وتوفير الموارد البشرية اللازمة للقيام بهذه الأعباء. *جانب الكفاءة الخارجية: وتتمثل في قدرتها على تزويد المتخرجين بالمهارات والمؤهلات والخبرات التي تمكنهم من أداء المهمات الموكلة لهم في مواقع العمل بجدارة، وهذا يعني التوافق بين عمليات الإعداد وبين حاجات العمل من المهارات المطلوبة. ولقد بين تقرير المؤتمر التاسع للوزراء المسئولين عن التعليم العالي والبحث العلمي في الوطن العربي أسباب ضعف فاعلية منظومة التعليم العالي التي لا تستثنى السلطنة منها، وقد لخصت فيما يلي:- q أخطاء في أساليب القبول في التعليم العالي، وفي تقييم الدارسين. q تبعية للعالم الخارجي في الهموم البحثية، وفي الأمثلة والتطبيقات في المادة. q تراجع مستوى الأساتذة والمدربين والمادة التعليمية. q هيمنة الدولة والحكومة، مع ضعف توفر المحاسبية المجتمعية. q ضعف التمويل والإمكانات. q تراجع في بعض مؤشرات تكافؤ الفرص أمام الدارسين، وتراجع استهداف التنافسية على المستوى العالمي. q تدني مستوى الحرية الأكاديمية. q ضعف في مستوى وجود عناصر مدخلات المنظومة. إن الحاجة إلى التخطيط تتطلب إدراك التغيير في التعليم الجامعي والعالي على المستوى العالمي في ضوء المحاور الأربعة التي ركز عليها:*سياسات التوسع في التعليم: باعتبار أن التعليم مفتاح الحراك الاجتماعي، والفرصة الاقتصادية، والرفاهية، وتلبية حاجات الاقتصاد المتقدم، وتوفير مقومات عملية تحديث المجتمع. أ- تحديث نظم الدراسة الجامعية وأساليبها: أثرت تكنولوجيا المعلومات والحاسب الآلي بشكل جذري على نظم التدريس الجامعي وأساليبه؛ مما دفع الجامعات إلى مساعدة الطلاب على اكتساب مهارات التعلم خاصة أساليب التعلم الذاتي، واهتمت بالتنمية المهنية لأعضاء هيئة التدريس لتحسين فعالية الطالب والجامعة وكفايتهما. ب- توجيه البحث العلمي بالجامعات لخدمة المجتمع: في ضوء التغيرات والتحولات العالمية تبذل الجامعات محاولات عديدة لربط البحث العلمي بقضايا المجتمع باعتبارها مؤسسات تساعد في عملية صنع القرارات، وتحليل السياسات، وتكوين اتجاهات لدى الطلاب والباحثين نحو البحث والقدرة على حل المشكلات باستخدام المعرفة المتاحة والقدرة على التعلم الذاتي وغيرها. ج- الاتجاه إلى جودة التعليم العالي: تبني الاتجاه بضرورة تقويم أداء الجامعات ووضع نظم للاعتماد لتحقيق الجودة والفاعلية في النظام الجامعي. إن مساهمة مؤسسات المجتمع في تمويل التعليم العالي مطلب ملح، خاصة أن الحكومية منها تعاني نقصاً في التمويل نتيجة تقلص الإيرادات والتقلبات الاقتصادية العالمية والضغوط عليها لزيادة طاقاتها الاستيعابية فوق معدل قدراتها الفعلية (البشرية والمادية). ومن أبرز نتائج دراسة ـجونسون (Johnson,2003) فيما يتعلق بالمساهمة في تطوير تمويل التعليم ما يلي: - زيادة نسبة مؤسسات التعليم الخاصة لتخفيف العبء عن المؤسسات الحكومية. - ترشيد إنفاق في الإسكان والعلاج والخدمات دون التأثير على جودة العملية التعليمية، وتحويل جزء من أباء تكاليف إلى الآباء والطلاب. - تصميم برنامج القروض بشكل يجمع بين القيمة الحالية، والقيم المستقبلية المتوقعة بشكل معقول، ويتم ذلك تحت إشراف هيئة قضائية متخصصة في ذلك. - إنشاء صناديق خاصة لتلقي التبرعات والمساعدات من الأفراد والجهات الراغبة في دعم التعليم العالي. نظرا لتزايد مخرجات كليات التربية من داخل السلطنة وخارجها جاء توجه وزارة التعليم العالي لإيجاد أدوار مستقبلية لكليات التربية التي تتبع الوزارة، وتحويل بعضها إلى كليات علمية تدرس تخصصات في مجال الهندسة واللغات والترجمة وتقنية المعلومات. ولإنجاز هذا المشروع فقد قامت الوزارة بوضع تصور لتشكيل اللجان التخصصية التي ستتولى تنفيذ هذا المشروع وتم اتخاذ الخطوات التالية:- تشكيل لجنة لمتابعة الأدوار المستقبلية لكليات التربية وتم اختيار شركة استشارية تقدم بعمل الدراسات التخصصية اللازمة لتنفيذ المشروع. وقد تم تطبيقه اعتبارا من العام الأكاديمي (2006/2007م). ولقد حددت اليونسكو في عام 2000 "التعليم للجميع" عدة أهداف، وكان الهدف السادس هوتحسين كافة الجوانب للتعليم للوصول إلى وضع يستطيع الجميع أن يكونوا ممييزينويحقق جميع الطلبة نتائج معترف بها ويمكن قياسها ولاسيما في القدرات القرائيةوالحسابية والمهارات الحياتية الأساسية ولمدى الحياة. وهذا يعنى أن التعليموالتعلم يجب أن يزود المتعلمين بالمعرفة والأدوات والمقدرة على استخدام هذه المعارفوالمهارات المكتسبة بكل ثقة، وكذلك تطوير السلوك الذي يعتمد فيما يعتمد فيه علىالأخلاق والمثل والقيم الإيجابية كالفهم والاحترام والتعامل الجيد والقدرة علىالتواصل مع الآخرين ومعرفة حقوقهم. ففي عام 2002م, أقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة ، مشروع العقد 2005 - 2015 "التعليم من أجل التنمية المستدامة" ،يهدف هذا المشروع إلى إبراز الدور الرئيسي الذي يؤديه التعليم والتعلم في السعي المشترك لتحقيق التنمية المستدامة والمساعدة في تحسين جودة التعليم والتعلم، ومساعدة الدول لتحقيق التطور باتجاه الوصول إلى التطورالألفي، وإعطاء الدول الفرص لإدخال الـتنمية المستدامة في الإصلاح التعليمي، وتيسير إقامة الروابط وإنشاء أو تشكيل الشبكات والتبادل والتفاعلات فيما بين الأطراف المعنية في مجال التعليم من أجل التنمية المستدامة. وبتفحص واقع مهنة التعليم في الوطن العربي نلاحظ أمورا كثيرة أهمها ما يلي:
تعددت صيغ تعريف الكفاءة الإنتاجية للتعليم إلا أنها تجمع على زيادة الإنتاجية لتحقيق الهدف، فقد عرفها النوري (1415ه) "مدى قدرة النظام التعليمي على تحقيق الأهداف المرجوة"، وأورد (العبيدي،2003) بأنها "تحقيق الهدف المطلوب بأقل كلفة واقل هدر"، وفي تعريف(حجي1422ه) "نسبة العمل النافع إلى الطاقة التي أنتجته "،ومن خلال التعريفات السابقة فإن الاهتمام بكفاءة البرامج التعليمية والتدريب تشمل العمليات الداخلية والخارجية ،وتنقسم الكفاءة إلى قسمين: 1- الكفاءة الداخلية: ويقصد بها تحقيق النظام التعليمي لأهدافه داخلياً أي العلاقة بين المدخلات والمخرجات،ويتم قياس هذا النوع بمعايير ثلاث(النوري:1415ه): أ- الكفاءة الكمية للتعليم:يقصد بها عدد التلاميذ الذين يخرجهم النظام بالنسبة للمدخلات، ويرتبط بهذا الجانب دراسة حالات التسرب والرسوب. ب- الكفاءة النوعية :وتعتمد على نوعية المخرج ومدى اتصافه بالجودة أو تحقق المواصفات والمعايير التي وضعها النظام. ج-الكفاءة المرتبطة بالتكاليف: وتهتم بقياس تكلفة الوحدة التي يجب أن تكون في اقل وحدة دون التفريط في جودة المخرج(الحجي,1422ه). وتكمن جودة النظام التعليمي من واقع الكفاءة الداخلية ومدى احتفاظه بمدخلاته من الطلاب والمتدربين،والانتقال بهم من مرحلة إلى أخرى بعد إنهاءهم لمتطلبات المرحلة السابقة بنجاح، وبمعنى أخر أن النظام التعليمي يكون ذو كفاءة داخلية عالية إذا تحققت فيه المعايير التالية: -انخفاض عدد الراسبين - زيادة التحصيل - تحسن مهارات وعادات الطلاب. 2- الكفاءة الخارجية: وتتحقق هذه الكفاءة بمدى قدرة النظام التعليمي على تحقيق أهداف المجتمع بمده من الخريجين للإسهام في النشاطات المتعددة ،ومقدرة هؤلاء الخريجين على إنجاز أعمالهم بكفاءة.(النوري،1415ه)،ومن مؤشرات الإنتاجية الخارجية كما يورد (الحجي،1422ه)المؤامة العددية وهي قدرة النظام بالوفاء بالأعداد التي يتطلبها المجتمع وخطط التنمية،والمواءمة المهنية:ويقصد بها تمشي المخرجات مع المعايير التي وضعها المجتمع ويتوقعها من تلك المخرجات. الكفاءة الداخلية الكمية لبرامج التعليم تشكل الكفاءة الداخلية مقياس لفاعلية وجودة البرامج التعليمية والتدريبية،ومدى تحقيقها للأهداف سواءً مايتعلق بالمدخلات أو النواتج. وكمفهوم عام فهي مقياس للإنتاجية من خلال اشتمالها على مدى قابلية النظام التعليمي والتدريبي على الاحتفاظ بمدخلاته من الطلبة والانتقال بهم من مرحلة إلى أخرى بعد إنجازهم لمتطلبات هذه المراحل على الوجه المطلوب وهذا يعني أن النظام ذو كفاءة عالية ،وبالنظر إلى عناصر تلك الكفاءة نجد أن هناك دراسات جعلت معدل كلفة التدريب والتعليم للمشارك الواحد بالإضافة إلى معدل الوقت المستغرق على التدريب والتسرب والرسوب من أهم المجالات التي تعطي مؤشراً واضحاً على الكفاءة الداخلية ،وبالتالي الجودة والفاعلية،فعندما نتحدث عن التسرب والرسوب وأثرهما على الكفاءة الداخلية فيجب ألا نغفل الجانب الاقتصادي الذي يعد مهماً وهو مايتمثل في المردود الاقتصادي الناجم عن التحاق الطالب (المتدرب)بالبرنامج وتحقيق النواتج الاقتصادية من زيادة دخل المتدرب،وارتفاع الإنتاجية في المنشأة،مما يزيد من إجمالي الناتج المحلي،بحيث يتم كل ذلك بأقل والتخطيط لاختيار البدائل الأكثر اقتصادية مع تفادي الهدر. ويتضح انعكاس التسرب- والذي يعبر به عن"من يترك التعليم قبل إتمام مرحلته الأساسية"، من واقع كلفة إعداد الطالب (المتدرب) السنوية ،فتسرب نسبة من الملتحقين بالبرنامج يعني أن الكلفة الثابتة المقرر إنفاقها على المجموع الكلي أصبحت توزع على الجزء المتبقي من المسجلين أي أن نصيب المتسربين أعيد توزيعه على المتبقين، ؛وفيما يتعلق بأثر الرسوب على كلفة الطالب فيتضح فيما يسمى الكلفة المركبة فإضافة إلى ما أُشير إليه من اثر التسرب من ارتفاع الكلفة السنوية للطلبة المتبقين فإن اثر الرسوب يمتد إلى الكلفة الكلية لإعداد الطالب حيث تزداد بمقدار التكلفة للفترة الإضافية،هذا من جهة من جهة أخرى فإن رسوب الطالب وإعادته للمرحلة أو إضافته فصل دراسي أخر يهدر فرصة على طالب أخر كان من الممكن قبوله والاستفادة مما انفق عليه وهو مايسمى (تكلفة الفرصة البديلة). ولتوضيح إمكانية الإفادة من الكفاءة الداخلية الكمية كمقياس للجودة وتحقيقها لهدف الإنتاجية بأقل التكاليف ستحاول الورقة تطبيق (نموذج المصري) والذي عرض فيه أسلوب قياس الكفاءة الداخلية الكمية وفقاً لمعلومات التسرب والرسوب ، واختيرت كلاً من الكلية التقنية بجده والكلية التقنية بالطائف كعينة مبدئية تتناسب والورقة الحالية للأسباب التالية: - تطبيقهما لنظام الجودة . - إمكانية الحصول على المعلومات والبيانات اللازمة. الكفاءة الداخلية الكمية للعينة: بناءً على اعتماد الكفاءة الداخلية الكمية للبرامج التعليمية على بيانات التسرب والرسوب فستكون معايير قياسها على النحو التالي: - الفترة اللازمة لإنهاء المتدرب للبرنامج سنتان ونصف . - قياس الكفاءة بشكل عام من خلال النسبة بين إجمالي الخريجين والمقبولين في نفس الفترة. - نسبة المتأخرين (احتاجوا لفصول دراسية إضافية) عن المدة النظامية إلى إجمالي المقبولين. - نسبة التسرب العامة = إجمالي المتسربين إلى إجمالي المقبولين. ومما سبق تتضح أهمية وجود معايير وضوابط للحد من الهدر والفاقد التعليمي المتمثل في التسرب بالدرجة الأولى والتأخر في التخرج وإنهاء البرنامج التدريبي في المدة المحددة يمكن أن تشتمل على معايير للقبول والرغبة من اشتراطات أكاديمية وميول وقدرات، الأمر الذي يستلزم إنشاء إدارات متخصصة بهذه الإجراءات للإرشاد والتوجيه والاستعانة بذوي الاختصاص والخبرة في حقلي علم النفس والاجتماع. على أنه عند تطبيق الجودة في التعليم يجب أن تطبق جودة تعليمية لاجودة تجارية صناعية تهتم بتنظيم وتسيير العمل إداريا فقط،بل نحن بحاجة إلى جودة تقيس وتقيم وتصحح بناءً على عناصر وبيئة التعليم وواقعه،وتنظر بعمق إلى كل جوانب العملية التعليمية والتدريبية وتستقي مؤشرات تقدمها وتطورها من رحم ذلك كله، و"أن الاتجاه في التعليم إلى الكيف والجودة وقياس التعليم بالارتباط بمدخلاته ". إن الأساس في عملية التدريب هو إيصال معلومات وتكوين مهارات معينة لمجموعة من المتدربين بواسطة وسيلة من وسائل الاتصال وأساليب التدريب وذلك بقصد التأثير على سلوكهم ورفع قدراتهم الوظيفية، كما أن التدريب يستهدف أيضاً إكساب الفرد المعرفة والمهارة والسلوك المرتبط مباشرة بدوره الوظيفي مما يرفع مستوى إنتاجيته في العمل. لقد أصبح التدريب قضية رئيسية لكثير من المنظمات في كافة القطاعات وذلك نتيجة لتغير معايير الأداء في هذه المنظمات والتي لم تعد قاصرة على مجرد تقديم الخدمة أو المنتج بل تعدته بالحرص على توفير الجودة التي تلبي حاجة العميل ورغباته ولذلك أصبح للتدريب أهمية كبيرة ومحور اهتمام الكثير من الباحثين والمختصين في مجال الإدارة الحديثة. ويتناول هذا الفصل توضيحاً شاملاً للمفاهيم المتعلقة باستراتيجية التدريب حيث يوضح مفهوم التدريب ومفهوم استراتيجية التدريب وخطوات إعدادها ومعوقات تطبيق استراتيجية التدريب وفاعلية البرامج التدريبية وأهمية التدريب وفوائده وأهدافه وطرقه وأساليبه، كما يتناول مراحل العملية التدريبية وأهمية تقييم البرامج التدريبية وأنواع التدريب ومشكلاته، كما يتناول هذا الفصل التعريف بعملية قياس وتقييم الأداء وأهميتها وخطواتها. ولا بد من ربط التعلم بالتدريب حيث يعتبر التعلم وسيلة للتدريب ولا يمكن من دونه أن تتم عملية التدريب، حيث أن التعلم يهتم بتزويد الأفراد بالمعرفة العلمية وإيصالهم إلى التفكير السليم أما التدريب فيهتم بنقل المعرفة إلى تطبيق فعلي حيث أن التدريب هو ثمرة التعلم. ونستخلص بأن التدريب عملية مستمرة تهدف إلى: · تزويد وإكساب الفرد مهارات ومعلومات وخبرات ليست موجودة لديه أو تنقصه وتؤدي بالتالي إلى تحسين أدائه وبالتالي إلى تحسين أداء المنظمة ككل.
1- بناء جودة تعليمية تستقي أهدافها ومضامينها من واقع العملية التعليمية ،وألا يكون الاهتمام بالتنظيم الإداري دون التعمق في جوانب التربية وتحسينها هو المسيطر على أهدافها. 2- وضع معايير للرغبات واختبارات للقبول عند تسجيل الطلاب. 3- تضمين مؤشر الكفاءة الداخلية الكمية كأحد معايير لتحديد مستوى الجودة في البرامج التعليمية والتدريبية. 4- تطبيق الكفاءة الداخلية الكمية لقياس جودة البرامج التعليمية فيما يتعلق بفاعلية النظام أو العلاقة بين المدخلات والمخرجات. *توصيات الورقة: -تعميق قيمة العمل لدى المواطن العُماني لتمكينه من المشاركة الفاعلة في التنمية المستدامة، بأعتبار العمل هو المعبر الحقيقي عن كرامة الانسان، وواجب وطني تجاه المجتمع. - نشر وتشجيع ورعاية المعرفة لدى المواطن العُماني من خلال تطوير التعليم وتحديثه وفق معايير الجودة الشاملة في المنظومة التعليمية في السلطنة. -تبني إستراتيجية تعليمية واضحة المعالم في سياسة التعليم العام والخاص في السلطنة، ترتكز على مبادئ الجودة ومعاير الاعتماد المؤسسي والبرامجي في المؤسسات التعليمية، لرفع الكفاءة الإنتاجية للكوادر العُمانية ليتمكنوا من المشاركة الفاعلة في برامج التنمية المستدامة في السلطنة. -التعليم والتدريب المستمر للكوادر العُمانية بكل مستوياتها، ووفق أحدث النظم التعليمية والأساليب العلمية المجودة. -استحداث نظام تعليمي فني مهني وتدريبي قادر على توفير احتياجات سوق العمل من مختلف التخصصات النادرة. -العمل على تحقيق سياسة التعميبن في السلطنة من خلال توفير فرص عمل مناسبة للعُمانيين في القطاع العام والخاص. -زيادة الطاقة الاستيعابية من طلبة الدبلوم العام في مؤسسات التعليم العالي الفني والمهني لتمكين العُمانيين من المشاركة الفاعلة في برامج التنمية المستدامة في السلطنة. -رفع الكفاءة الإنتاجية للقوى العُمانية العاملة من خلال التعليم والتدريب المستمر، لتجنب تدني مشاركتها في التنمية المستدامة ونظرتها المتعالية لبعض المهن والحرف ذات الطابع الاقتصادي المهم في السلطنة. -الحد من التداعيات الاجتماعية المحتمل حدوثها من قبل الباحثين عن عمل، من خلال تمكين العُمانيين في المشاركة الفاعلة في التنمية المستدامة، بتوفير جودة البرامج التعليمية والتدريب المستمر. المراجع: - -البرقاوي، محمد ناصر(1427ه) الجودة في البرامج التعليمية. المؤتمر التقني الرابع، المؤسسة العامة للتعليم التقني والتدريب، الرياض، المملكة العربية السعودية. - الحجي، أحمد أسماعيل (1422ه) اقتصاديات التربية والتحطيط التربوي. الطبعة .الطبعة 1، دار الفكر، القاهرة، مصر. -الذيابي، طلال منصور(بدون تاريخ) جودة برامج التعليم والتدريب في ضوء مؤشر الكفاءة الداخلية الكمية (دراسة تطبيقية). مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية. -الزواوي، خالد محمد (2003) الجودة الشاملة في التعليم. طبعة 1، مجموعة النيل العربية. -النشوان، إيمان عبد العزيز (1427ه) الجودة في البرامج التعليمية والتدريبية. المؤتمر التقني الرابع، المؤسسة العامة للتعليم التقني والتدريب، الرياض، المملكة العربية السعودية. -العبيدي، غانم سعيد ( 1402ه) أتجاهات وأساليب معاصرة في اقتصاديات التعليم. دار العلوم الرياض، المملكة العربية السعودية. -العنسي، سعود (1994) التنمية والموارد البشرية في عُمان،الطبعة 1،مسقط، سلطنة عُمان. -النوري، عبد الغني (1415ه) أتجاهات جديدة في اقتصاديات التعليم في البلاد العربية. الطبعة 1، دار الثقافة، الدوحة، قطر. - جريو، داخل حسن (2003م). "التعليم العالي المعاصر- توجهاته وبعض اتجاهاته الحديثة". بحوث مستقبلية، ع: 7، ص: 11-30. - سلطنة عمان، غرفة تجارة وصناعة عمان، دائرة البحوث الاقتصادية، (2002). " تجربة التعمين في سلطنة عمان"، ورقة مقدمة للملتقى التطبيقي الأول للعمالة الوطنية، 20-22/10/2002م ، دولة الكويت. - سلطنة عمان، وزارة الخارجية، 9/12/2006، "السلطنة تتخطى التنمية البشرية المتوسطة وتحقق العالية"www.mofa.gov.om/ar/_event_/1143 - 44(20/11/2006). - سلطنة عمان، وزارة الاقتصاد الوطني، (2003). التقرير الأول عن التنمية البشرية في عمان.2003م. - سلطنة عمان، وزارة الاقتصاد الوطني، تقرير التنمية البشرية 2003م. - سلطنة عمان، وزارة التعليم العالي (2004). مشروع إعداد استراتيجية تطوير التعليم في سلطنة عمان 2006-2020م. - عيسان، صالحة عبد الله يوسف (2002م). "واقع التعليم الثانوي بسلطنة عمان وسبل تطويره وفق بعض النماذج المستحدثة في الدول النامية". مجلة التربية وعلم النفس، ع : 26، ج : 3، القاهرة: كلية التربية، جامعة عين شمس. - عيسان، صالحة عبد الله يوسف (2005م). "رؤية مستقبلية للتعليم العالي الممتد في سلطنة عمان في ضوء تطبيقاته العالمية". مجلة دراسات تربوية واجتماعية، م: 11، ع: 4، أكتوبر 2005م، كلية التربية، جامعة حلوان. - عيسان، صالحة عبد الله يوسف ومحمود، ناريمان جمعة (2005م). "إعداد العلم في ضوء التنمية المستدامة – دراسة مقارنة لبعض الاتجاهات العالمية المعاصرة وإمكانية الإفادة منها في سلطنة عمان". مجلة التربية والتنمية، س: 13، ع: 33، يوليو 2005م، القاهرة: المكتب الإستشاري للخدمات التربوية. - مدني، غازي بن عبيد (2002م) تطوير التعليم العالي كأحد روافدالتنمية البشرية في المملكة، ورقة علمية مقدمة لندوة الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي حتى عام 1440هـ (2020م) وزارة التخطيط – الرياض، 13-17 شعبان 1423هـ الموافق 19-23 أكتوبر 2002م. - المليص، سعيد محمد، (2001م). "التعليم العالي في دول الخليج - واقعه ومشكلاته". رسالة الخليج العربي. ع: 81، س: 22، 1422هـ الموافق 2001م. - نصر الله، علي (1427ه) مؤشرات الجودة في برامج التعليم والتدريب المهني والتقني. المؤتمر التقني الرابع، المؤسسة العامة للتعليم التقني والتدريب، الرياض، المملكة العربية السعودية.
2 Comments
|